الرسول صلى الله عليه وسلم خَلقاوخُلقا
قال القاضي عياض رحمه الله:
اعلم أيها المحب لهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، الباحث عن تفاصيل جمل قدره العظيم أن خصال الجلال والكمال في البشر نوعان: ضروري دنيوي اقتضته الجبلة وضرورة الحياة الدنيا، ومكتسب ديني، وهو ما يحمد فاعله، ويقرب إلى الله تعالى زلفى.
ثم هي على فنين أيضاً: منها ما يتلخص لأحد الوصفين. ومنها ما يتمازج ويتداخل.
فأما الضروري المخص فما ليس للمرء فيه اختيار ولا اكتساب، مثل ما كان في جبلته من كمال خلقته، وجمال صورته، وقوة عقله، وصحة فهمه، وفصاحة لسانه، وقوة حواسه وأعضائه، واعتدال حركاته، وشرف نسبه، وعزة قومه، وكرم أرضه، ويلحق به ما تدعوه ضرورة حياته إليه، من غذائه ونومه، وملبسه ومسكنه، ومنكحه، وما له وجاهه.
وقد تلحق هذه الخصال الآخرة بالأخروية إذا قصد بها التقوى ومعونة البدن على سلوك طريقها، وكانت على حدود الضرورة وقوانين الشريعة.
وأما المكتسبة الأخروية فسائر الأخلاق العلية، والأداب الشرعية: من الدين والعلم، والحلم، والصبر، والشكر، والمروءة، والزهد، والتواضع، والعفو، والعفة، والجود، والشجاعة، والحياء، والمروءة، والصمت، والتؤدة، والوقار، والرحمة، وحسن الأدب والمعاشرة، وأخواتها، وهي التي جمعها حسن الخلق.
وقد يكون من هذه الأخلاق ما هو في الغريزة وأصل الجبلة لبعض الناس.
و بعضهم لا تكون فيه، فيكتسبها، ولكنه لابد أن يكون فيه من أصولها في أصل الجبلة شعبة كما سنبينه إن شاء الله.
و تكون هذه الأخلاق دنيوية إذا لم يرد بها وجه الله والدار الآخرة، ولكنها كلها محاسن وفضائل باتفاق أصحاب العقول السليمة، وإن اختلفوا في موجب حسنها وتفضيلها.
إذا كانت خصال الكمال والجمال ما ذكرناه، ووجدنا الواحد منا يشرف بواحدة منها أو باثنتين إن اتفقت له ـ في كل عصر، إما من نسب أو جمال، أو قوة، أو علم، أو حلم، أو شجاعة، أو سماحة، حتى يعظم قدره، ويضرب باسمه الأمثال، ويتقرر له بالوصف بذلك قي القلوب إثرة وعظمة، وهو منذ عصور خوال رمم بوال، فما ظنك بعظيم قدر من اجتمعت فيه كل هذه الخصال إلى ما لا يأخذه عد، ولا يعبر عنه مقال، ولا ينال بكسب ولا حيلة إلا بتخصيص الكبير المتعال، من فضيلة النبوة والرسالة، والخلة والمحبة، والاصطفاء والإسراء والرؤية، والقرب والدنو، والوحي، والشفاعة والوسيلة، والفضيلة والدرجة الرفيعة، والمقام المحمود، والبراق والمعراج، والبعث إلى الأحمر والأسود، والصلاة بالأنبياء، والشهادة بين الأنبياء والأمم، وسيادة ولد آدم، ولواء الحمد، والبشارة، والنذارة والمكانة عند ذي العرش والطاعة ثم، والأمانة والهداية ورحمة للعالمين، وإعطاء الرضا والسول، والكوثر، وسماع القول، واتمام النعمة والعفو عما تقدم وتأخر، وشرح الصدر، ووضع الوزر، ورفع الذكر وعزة النصر، ونزول السكينة، والتأييد بالملائكة، وإيتاء الكتاب والحكمة والسبع المثاني والقرآن العظيم، وتزكية الأمة والدعاء إلى الله، وصلاة الله تعالى والملائكة، والحكم بين الناس بما أراه الله، ووضع الإصر والأغلال عنهم، والقسم باسمه، وإجابة دعوته، وتكليم الجمادات والعجم، وإحياء الموتى، وإسماع الصم، ونبع الماء من بين أصابعه،
قال القاضي عياض رحمه الله:
اعلم أيها المحب لهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، الباحث عن تفاصيل جمل قدره العظيم أن خصال الجلال والكمال في البشر نوعان: ضروري دنيوي اقتضته الجبلة وضرورة الحياة الدنيا، ومكتسب ديني، وهو ما يحمد فاعله، ويقرب إلى الله تعالى زلفى.
ثم هي على فنين أيضاً: منها ما يتلخص لأحد الوصفين. ومنها ما يتمازج ويتداخل.
فأما الضروري المخص فما ليس للمرء فيه اختيار ولا اكتساب، مثل ما كان في جبلته من كمال خلقته، وجمال صورته، وقوة عقله، وصحة فهمه، وفصاحة لسانه، وقوة حواسه وأعضائه، واعتدال حركاته، وشرف نسبه، وعزة قومه، وكرم أرضه، ويلحق به ما تدعوه ضرورة حياته إليه، من غذائه ونومه، وملبسه ومسكنه، ومنكحه، وما له وجاهه.
وقد تلحق هذه الخصال الآخرة بالأخروية إذا قصد بها التقوى ومعونة البدن على سلوك طريقها، وكانت على حدود الضرورة وقوانين الشريعة.
وأما المكتسبة الأخروية فسائر الأخلاق العلية، والأداب الشرعية: من الدين والعلم، والحلم، والصبر، والشكر، والمروءة، والزهد، والتواضع، والعفو، والعفة، والجود، والشجاعة، والحياء، والمروءة، والصمت، والتؤدة، والوقار، والرحمة، وحسن الأدب والمعاشرة، وأخواتها، وهي التي جمعها حسن الخلق.
وقد يكون من هذه الأخلاق ما هو في الغريزة وأصل الجبلة لبعض الناس.
و بعضهم لا تكون فيه، فيكتسبها، ولكنه لابد أن يكون فيه من أصولها في أصل الجبلة شعبة كما سنبينه إن شاء الله.
و تكون هذه الأخلاق دنيوية إذا لم يرد بها وجه الله والدار الآخرة، ولكنها كلها محاسن وفضائل باتفاق أصحاب العقول السليمة، وإن اختلفوا في موجب حسنها وتفضيلها.
إذا كانت خصال الكمال والجمال ما ذكرناه، ووجدنا الواحد منا يشرف بواحدة منها أو باثنتين إن اتفقت له ـ في كل عصر، إما من نسب أو جمال، أو قوة، أو علم، أو حلم، أو شجاعة، أو سماحة، حتى يعظم قدره، ويضرب باسمه الأمثال، ويتقرر له بالوصف بذلك قي القلوب إثرة وعظمة، وهو منذ عصور خوال رمم بوال، فما ظنك بعظيم قدر من اجتمعت فيه كل هذه الخصال إلى ما لا يأخذه عد، ولا يعبر عنه مقال، ولا ينال بكسب ولا حيلة إلا بتخصيص الكبير المتعال، من فضيلة النبوة والرسالة، والخلة والمحبة، والاصطفاء والإسراء والرؤية، والقرب والدنو، والوحي، والشفاعة والوسيلة، والفضيلة والدرجة الرفيعة، والمقام المحمود، والبراق والمعراج، والبعث إلى الأحمر والأسود، والصلاة بالأنبياء، والشهادة بين الأنبياء والأمم، وسيادة ولد آدم، ولواء الحمد، والبشارة، والنذارة والمكانة عند ذي العرش والطاعة ثم، والأمانة والهداية ورحمة للعالمين، وإعطاء الرضا والسول، والكوثر، وسماع القول، واتمام النعمة والعفو عما تقدم وتأخر، وشرح الصدر، ووضع الوزر، ورفع الذكر وعزة النصر، ونزول السكينة، والتأييد بالملائكة، وإيتاء الكتاب والحكمة والسبع المثاني والقرآن العظيم، وتزكية الأمة والدعاء إلى الله، وصلاة الله تعالى والملائكة، والحكم بين الناس بما أراه الله، ووضع الإصر والأغلال عنهم، والقسم باسمه، وإجابة دعوته، وتكليم الجمادات والعجم، وإحياء الموتى، وإسماع الصم، ونبع الماء من بين أصابعه،